جمهرة أدبية شعرية، سنيّة و شيعيّة في ليلة مبعث رسول الرحمة خاتم الأنبياء
احتفاءً بعيد مبعث الرسول خطى "مهرجان شعر الوحدة" الذي أقامه "مركز الفكر والفن الإسلامي/ حوزة هُنري" خطوةً بناءة نحو إقامة احتفال سنوي تنافسي
تاريخ الإرسال 2021/3/13
لطالما تغنى الشعراء بصفات الرسول الأكرم صلاة الله وسلامه عليه وأنشدت باعتزاز القرائح الشعرية وجادت بجميل تعابيرها، فمن أشهر القصائد كان مطلعها؛
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ...
وهي لكعب بن زهير، من بسيط بحور الشعر حاملة في ثناياها عظيم التعابير وجميل المعاني، فقد ودّع الشاعر فيها سعاد وهي رمز الدنيا والجاهلية والقبلية والفرقة والتمييز ليستقر على ضفاف أنهار الهداية، وتشفع له القصيدة عند الرسول عداءه وضغينته للدين الحنيف. وسميت القصيدة بالبردة لأن الرسول خلع بردته على الشاعر ليأويه ويجهر مسامحته له. واستمرت قافلة الشعر والادب وتوالت "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"حيث أصبحت البردات عدة عند معشر الشعراء و جاءت البردة الشهيرة الثانية للبوصيري يقول فيها:
أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ...
وجاءت البردة الثالثة في زماننا هذا للشاعر احمد شوقي يقول في مطلعها:
ريم على القاع بين البان والعلم أحلّ سفك دمي في الأشهر الحرم...
وأيضا على غرار البردات ورغم اختلاف حرف الرويّ اشتهرت قصيدة للشاعر الفلسطيني الشاب، ابن تلال الزيتون والزعتر تميم البرغوثي الذي أسمى قصيدته بردة في مدح الرسول وأضاف لنهج البردات توظيف القصيدة لطرح شكوى بلده المحتل وقد عرض فيها جراحه شاكيا ملتمسا من الرسول أن يمده بالشجاعة قبل الشفاعة لمواجهة الصعاب في بطن أمة اسلامية منقسمة على نفسها متساهلة في قضاياها، ويشكو شكوى الغريب الذي ضاق الزمان به وطاردته جنود الدهر فانفردا.
وفي ذاكرة الثقافةالإسلامية لم يخلُ الأدب الفارسي منذ سالف عصوره من قصائد مديح الرسول رغم أنها جاءت مختلفة حسب اختلاف مناهج الشعر الفارسي عن العربي، الا أنها جاءت جميلة على لسان حافظ الشيرازي وعطار النسابوري، و نظامي الكنجوي و غيرهم من عمالقة الشعر الفارسي.
وعلى هذا النهج واحتفاءً بعيد مبعث الرسول خطى "مهرجان شعر الوحدة" الذي أقامه "مركز الفكر والفن الإسلامي/ حوزة هُنري" خطوةً بناءة نحو إقامة احتفال سنوي تنافسي بهدف دعم المواهب الشعرية الشابة واستحضارا لخصال الرسول الأكرم ومدحها في بحور الشعر وأساليبه بغية توطيد القيم الإسلامية الأصيلة وترسيخ مكارم الاخلاق في المجتمع. فتنوعت القصائد المشاركة المتنافسة في فئتي "الشعر العمودي" و "الشعر الحر" في لغات ولهجات عدة تحتويها المعمورة الاسلامية الايرانية. كما خصص المهرجان قسم خاص لقصائد الأطفال واليافعين.
شعراء السنة والشيعة يتحدون تحت لواء عيد مبعث الرسول الاكرم
جمع "مهرجان شعر الوحدة" في "مركز الفكر والفن الإسلامي/ حوزة هُنري" بين شعراء السنة والشيعة من مختلف القوميات الإيرانية بتعدد لغاتهم ولهجاتهم ومذاهبهم تيمنا بهذا الحدث التاريخي الاسلامي الذي غيّر مجرى حياة البشر واحتفاء بالبعث التاريخي الذي كوّن في المجتمع البشري مكوّنا عظيما نشأت في كنفه العلوم والفنون وحضارة جديدة. فلولا هذا المكون لما كانت الحضارة الاسلامية والمدرسة الإسلامية الشاملة التي تناولت جميع جوانب حياة الانسان وفي كافة أنحاء العالم.
والى جانب طرح تنافس شعري، كان الهدف من هذا الاحتفال الاحتفاء بالوحدة الوطنية بديلا عن الانقسام الطائفي فعند الفرقة يحدث الشقاق وتتقزم المجتمعات وتتفتت، وتصاب بعقر روحي يحول بينها وبين الرقي والإنجاز. فما خُلقنا شعوبا و قبائلا الا لنتعارف ونَضُم طاقاتنا و مواهبنا الى بعضنا البعض ونتوسع ونكون يد واحدة كما كان يريدنا نبي الرحمة منذ بداية دعوته الانسانية.
ومن اللافت في المهرجان أن عدسات التصوير لم تشاهد أيّة علامة لاختلاف المذاهب في الجموع الحاضرة فالجموع متوحدة تحت راية الدعوة المحمدية بغض النظر عن تعدد الطوائف الحاضرة، والكاميرات لم تلتقط الا اختلاف في القوميات وذلك حسب ما عبّرت عنه أزياء تقليدية مختلفة حضرت من أقصى المعمورة منها القوميات الآذرية والتركمانية والكردية والبلوشية و العربية، الى جانب حضور من جيلان و طبرستان وطاليش وجلستان. وقرأت القصائد بلهجات ولغات متعددة الى جانب ترجمتها الى اللغة الرسمية.
إعلان القصائد المميزة والفائزون
في فئة الشعر باللغات و اللهجات الايرانية فاز كل من امجد ويسي من كردستان/ تبسم رضا زادة من أذربيجان الغربية/ توي محمد أيازي من مدينة جلستان/ رضا نكوكار من مدينة رشت/ صمد قهرماني من بجنورد/ و عاشرمحمد رئوفي من كنبد كاووس/ عبدالخالق آدمي من جلستان/ عماد آل كثيري من مدينة شوش بمحافظة الاهواز/ فرزانة قرباني من قم / فرهاد كلستانه من بلوشستان/ مجتبى تقوي نيا من العاصمة طهران/ ناصر زورقي من زاهدان/ ناصر رهنما من بجنورد / وحيد طلعت من آذربيجان الغربية/ ويوسف لاطف من آمل شمالي ايران.
في فئة قصائد الاطفال واليافعين فاز كل من ريحانة نوري من همدان/ فاطمة غلامي من يزد/ حديثة هاشمي من جيلان/ داديار حامدي من مازندران. كما تم تزكية معصومة مهري قهفرخي من تشارمحال بختياري/ و قاسم باي من جلستان.
في فئة الشعر الحديث فاز كل من آتنا علايي من اردبيل/ معصومة سادات شاكري من خراسان / هاشم كروني من فارس/ طيبة سلماني نجاد من يزد/ فاطمة فاضلي من فارس.
في فئة الشعر العمودي الكلاسيكي فاز كل من امير رسولي من زنجان/ ابوالفضل محمد زاده آقايي من اصفهان/ علي سليماني من طهران/ عليرضا رجبعلي زاده من اصفهان / و زهراء سبه كار من اصفهان. كما تمت تزكية رضا نيكوكار من جيلان و مريم بيله ور من جيلان في هذه الفئة الشعرية.
توقيع كتاب "الازدهار على حبه"
تضمن المهرجان حفل توقيع كتاب "الازدهار على حبه" الذي جمع بين دفتيه القصائد المشاركة في مهرجان شعر الوحدة و الذي قدمه أمين المهرجان الشاعر محمد جواد محبت.
المهرجانات في زمن الكورونا
وقامت بتنظيم الحفل ونسقت جميع ترتيباته وتشريفاته مؤسسة سِبِهر سورة هُنر المتخصصة في إقامة المهرجانات والأحداث الثقافية. وكما هو حال المهرجانات في زمن الكورونا تخلف بعض الفائزين وشعراء القصائد المميزة وتعذر عليهم الحضور في قاعة الحفل بمقر مركز الفكر والفن السلامي بطهران بسبب تفشي الوباء الا أن الخدمة الالكترونية غطّت الحدث الأدبي بأكملة وذلك على منصة "aparat" و تطبيق انستغرام وتطبيق آخر خاص بعرض وبث نشاطات مركز الفكر والفن الاسلامي.
وحضر في الحفل الختامي لتسليم جوائز مهرجان شعر الوحدة رئيس منظمة الإعلام الإسلامي حجة الاسلام محمد قمي ورئيس مركز الفكر و الفن الاسلامي محمد مهدي دادمان والمساعد الثقافي في منظمة الإعلام الإسلامي الشيخ عزت زماني وأمين عام لجنة المدارس الدينية السنية الشيخ لطفيان وعدد من الشعراء ومستمعي الشعر الديني من كافة المذاهب الإسلامية.
تأسيس أمانة عامة دائمة
في الكلمات التي ألقيت ضمن الحفل الختامي تم اقتراح تأسيس أمانة عامة ليستمر النشاط وتشحذ الهمم لارتقاء الشعر النبوي على مدار السنة الى أن تختتم النشاطات سنويا بحفل في نفس الذكرى. ولاقى الاقتراح ترحيب مدير قسم الإبداعات الأدبية في مركز الفكر و الفن الاسلامي عباس محمدي و وعد بتنفيذ الفكرة بوقت لاحق.
تقرير فائزة جمالي
شاعرة واعلامية